10 نقاط قوة في تعديلات قانون هيئة أسواق المال

قراءة في تعديلات قانون هيئة أسواق المال لأستاذ القانون الجنائي للأعمال التجارية وقانون أسواق المال د.حسين بوعركي

يتناول من خلالها حصاد نتاج تعديلات قانون أسواق المال بعد أن أسدل الستار مؤخرا عليها وما سيكون عليه الوضع عند دخول التعديلات حيز التنفيذ.

 

وجاء في قراءة د.بوعركي أن التعديلات بحلتها الأخيرة إيجابية ومحل تأييد وإشادة من الجميع، حتى انها كانت حجة على من مارس دورا سلبيا ووقف بجانب التعديلات السلبية التي أقرت في المداولة الأولى للقانون.

 

فقد حافظت على ما كان يحويه القانون من أمور إيجابية، وزادتها إيجابية بالنص على أمور كانت الحاجة لها ماسة بالنظر إلى التشريعات المقارنة، وأمور أخرى أفرزتها الحاجة العملية، ولم تكن هذه التعديلات لتتم لولا الاستماع بعين العقل إلى رأي الجهة المنوط بها تنفيذ هذا القانون والمعنية الأولى به وهي هيئة أسواق المال.

 

وفيما يلي أهم 10 تعديلات في نقاط دون ذكر النصوص:

 

1-  (المادة 122).. جريمة التلاعب في الأسعار

 

كانت هذه المادة محل اعتراض كبير، لكنها لم تمس إنما طورت بمنح هيئة أسواق المال سلطة التفويض التشريعي لبيان السلوكيات المشروعة التي قد تشابه السلوكيات المجرمة، وبهذا يكون القانون قد احتفظ بأهم جريمة وأكثر جريمة شيوعا في المحاكم الكويتية، وهو الأمر الذي سيؤكد استمرارية فعالية الحماية الجنائية لأسواق المال ووقف التلاعبات والسلوكيات غير المشروعة، والاحتفاظ بنص المادة 122 كما هو يشكل ارتياحا كبيرا بالنسبة لنا، لأن النص به شمول واحتياط تشريعي للأنشطة الإجرامية المتعلقة بهذه الجريمة، ويتفوق -بنظرنا- على النص الفرنسي الذي يتسم بشيء من العمومية وعدم التحديد الدقيق للنشاط الإجرامي ما جعل تطبيقه أمرا عسيرا، الأمر الذي جعله محلا لانتقاد الفقه الفرنسي. 

 

2- المادة (118).. جريمة المطلعين

 

تمت إضافة فئة المطلع الغير على هذه المادة، أي أصبح كل شخص ممكن أن يساءل بهذه المادة بعكس النص القديم الذي كان يستلزم أن تتوافر في الجاني صفة المطلع على المعلومات الداخلية للشركة، وهو الأمر الذي هجره المشرع الفرنسي منذ تعديل 2001، وتبعه الكثير من المشرعين في ذلك. 

 

3- المادة 5.. وسلطات استثنائية

منحت هذه المادة هيئة أسواق المال سلطة استثنائية ضخمة، سيكون اثرها كبيرا، وهي أن تفوض الهيئة بوضع قواعد التنفيذ على الأوراق المالية، ودون التزام بقواعد الرهن التجاري المنصوص عليها بالفصل الثالث من قانون التجارة «الرهن التجاري»، أو الكتاب الثالث من قانون المرافعات «التنفيذ»، وهو أمر سيختصر الإجراءات القضائية الطويلة لتنفيذ البنوك أحكام التسييل، ولا شك ان ذلك سيرفع من رهن الأوراق المالية مقابل القروض، لدى البنوك وانعكاساته ستكون إيجابية على القطاع المصرفي، وما يجب الإشارة له هنا، أن هذه السلطة تلقي على كاهل الجهاز القانوني للهيئة بحمل ثقيل، فلن يكون من السهل صياغة هذه القواعد ولا تطبيقها.

 

4- المادة19.. ميزانية مختلطة

تم التحول إلى فكرة الميزانية المختلطة، فتتكون ميزانية الهيئة من أموال الرسوم ومواردها الأخرى، وأضيف لها ما يخصص من ميزانية الدولة، بحيث أصبحت الدولة تشارك في ميزانية الهيئة، وهو أمر سيصب في صالح الهيئة من عدة أوجه.

 

5- المادة 18.. قانون للميزانية

ستصدر ميزانية الهيئة بقانون، وفقا للقواعد المقررة بقانون الميزانيات والحسابات الختامية رقم 31 لسنة 1978، وهو أمر مقبول إن كان في سبيل إحداث التوازن الرقابي بين السلطتين، لكن البعض يرى أنه سيكون مظلة للتأثير والتدخل السياسي.

 

6- المادة 163.. فك ارتباط

 

فكت الارتباط والازدواج التشريعي بين قانون هيئة أسواق المال مع الأحكام الخاصة بتنظيم البورصات الواردة في قانون التجارة (المواد من 323- 328).

 

7- خضوع تام للهيئة

 

ألغيت الأحكام الخاصة بـ «التصرف بالأسهم» و«السندات والصكوك» الواردة في الفصلين 5 و6 من الباب 9 من قانون الشركات الجديد، وبذلك تكون الأوراق المالية تخضع لقانون الهيئة فقط.

 

8- صانع السوق

 

أضيف إصدار نظام خاص لنشاط صانع السوق لاختصاصات الهيئة، وهو أمر ليس سوى تأكيد وحث تشريعي على هذا الاختصاص، وإلا فإن هيئة أسواق المال لم تكن بحاجة لهذا النص لأنه داخل في اختصاصاتها الأصيلة. 

 

9- استثناءات الاستحواذ الإلزامي

 

تمت إضافة استثناءات جديدة لأحكام الاستحواذ الإلزامي الواردة بالمادة 74، كزيادة رأس المال ورسملة الدين والارث والوصية والحكم القضائي، ومنحت الهيئة تفويضا تشريعيا لإضافات أي حالات أخرى تراها، وبهذا تكون أحكام الاستحواذ الالزامي قد اتخذت صورة متكاملة في التشريع الكويتي.

 

10- مضاعفة العقوبة

 

وفق المادة 146 سيكون للمجلس التأديبي الحكم على المخالف برد قيمة المنفعة التي حققها أو الخسارة التي تجنبها، وتضاعف العقوبة في حالة تكرار المخالفة، علاوة على الحكم بغرامة لا تجاوز 50 ألف دينار كويتي.

3 ملاحظات مهمة.. سقف أعلى للغرامات غير موفق

هذه إشارة سريعة لبعض أهم التعديلات التي حواها التعديل الأخير على قانون هيئة أسواق المال، وهي محل إشادة وتقدير منا، وقد كان الجهاز القانوني للهيئة عند حسن الظن (عندما أشرنا إلى ذلك في مقال سابق)، وكان منطلق حكمنا ما قمنا بدراسته من أحكام قضائية لمحكمة أسواق المال في الكويت، ونشير بالنهاية إلى 3 ملاحظات نعتقد أنه من الأهمية بمكان الاشارة إليها:

 

1 - المادة 146 حددت السقف الأعلى لغرامات المجلس التأديبي بمبلغ 50 ألف دينار، وهو أمر لا نوافق عليه، فكيف يحدد سقف لنشاط هو الأعلى قيمة في مختلف أسواق الدولة؟ وهذا السقف سيحد كثيرا من فاعلية المجلس التأديبي أو بشكل عام العقوبات الادارية، والتي لا تقل أهمية عن العقوبات القضائية، حيث إن النص القانون قد لا ينطبق في كثير من الأحيان، وبالتالي لا يكون من مجال سوى فرض عقوبة إدارية، ناهيك عما تتسم به هذه العقوبات من سرعة تجعلها أكثر فاعلية وأكثر وقعا في مجال أسواق المال، وفي فرنسا، عوقب أحد الاشخاص بعقوبة إدارية مقدارها 14.200.000 مليون يورو، في أكتوبر 2013، وكانت هذه أكبر عقوبة بتاريخ هيئة أسواق المال الفرنسية، فما كان من الصحافة الفرنسية إلا أن علقت على عدم كفاية هذه الغرامة قياسا على الغرامات المليارية التي فرضتها لجنة البورصة الأميركية.

 

2 - على الرغم من اعتناقنا لرأي يرى قيام المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية في قانون أسواق المال4، إلا أن الحاجة تبدو ماسة لتنظيم هذه المسؤولية بنصوص واضحة، وهو أمر مهم، حيث ان عدم تنظيمها يعد نقصا جوهريا في التشريع الكويتي.

 

3 - لم تأخذ اللجنة المالية بآراء القضاء ولا الفقه الكويتي، وهو أمر سلبي، حيث ان 5 سنوات من التطبيقات القضائية للقانون كفيلة بإيجاد ملاحظات عديدة يجب أخذها بالاعتبار.


طباعة   البريد الإلكتروني