إعادة إصدار قانون الشركات بأثر رجعي تحصين من «العوار الدستوري»

قضت المحكمة الدستورية في حكمها الصادر يوم الاربعاء 25 مايو 2016 برفض الطعن بعدم دستورية

قانون الشركات الكويتي رقم 25 لسنة 2012 بسبب إعادة إصداره بأثر رجعي بالقانون رقم 1 لسنة 2016 وهو ما دعا إليه د.حسين بوعركي استاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة الكويت عبر القبس في أعدادها الصادرة في 21 و22 و23 و28 ديسمبر 2015، فاستجابت وزارة التجارة، وأعلنت بناء عليه تقديم القانون لإعادة اصداره، وهو ما تم فعلاً وتمت الموافقة عليه من قبل مجلس الامة وصدر قانون الشركات برقم 1 لسنة 2016.

وكان قد صرح أستاذ القانون الجنائي للاعمال التجارية وأسواق المال في كلية الحقوق بجامعة الكويت د.حسين بوعركي لــ القبس بتاريخ 2015/12/21 بأن ثمة مأزقا قانونيا يواجه البلاد بعد صدور حكم المحكمة الدستورية القاضي بعدم دستورية قانون انشاء هيئة مكافحة الفساد استناداً لانتفاء حالة الضرورة، اذ ان قانون الشركات الجديد رقم 25 لسنة 2012 والمعدل بالقانون رقم 97 لسنة 2013 صدر في ذات الظروف وذات الفترة الزمنية التي صدر بها مرسوم انشاء هيئة مكافحة الفساد، فقد صدر المرسوم بقانون الشركات رقم 25 لسنة 2012 في أثناء فترة حل مجلس الأمة باعتباره من مراسيم الضرورة التي لا تحتمل التأخير بناء على المادة 71 من الدستور بتاريخ 2012/11/26 ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 2012/11/29 قبل انتخاب مجلس الأمة في 2012/12/1، وقد تم عرضه على مجلس الأمة ووافق عليه بتاريخ 2013/1/24، وهي ذات فترة صدور قانون هيئة مكافحة الفساد رقم 24 لسنة 2013 الصادر في 2012/11/19؛ اذ ان الأخير هو القانون الذي سبق قانون الشركات مباشرة، وقد قررت المحكمة الدستورية في حكمها الصادر: «وكان الواضح من المرسوم بقانون رقم 24 لسنة 2012 سالف الذكر، أنه ليس في المسائل التي تناولها بالتنظيم ما يوجب الاسراع في اتخاذ اجراء تشريعي عاجل يتحمل الاناة والانتظار، وأن ما تناولته المذكرة الايضاحية لهذا المرسوم وان جاز أن تندرج ضمن البواعث والأهداف التي تدعو سلطة التشريع الأصلية الى سن قواعد قانونية في مجال مكافحة الفساد ومعالجة أسبابه، الا أنه لا يصلح بذاته سنداً لقيام حالة الضرورة المبررة لاصدار هذا المرسوم بقانون»، وهو ما ينطبق على قانون الشركات، وزادت المحكمة بقولها :«فضلاً عن أن المرسوم المطعون عليه لم يتضمن في أحكامه ما يشير الى اتخاذ اجراءات عاجلة ذات أثر فعال تتماشى مع مبررات اصداره، فان هذا المرسوم بقانون، واذ صدر استناداً الى هذه المادة، وعلى خلاف الأوضاع المقررة فيها، يكون مشوباً بمخالفة الدستور»، وهو ما يتحقق بصورة أكثر وضوحاً في قانون الشركات من قانون هيئة مكافحة الفساد. كما انفرد د.حسين بوعركي في تصريحه الثاني لــ القبس بتاريخ 22 ديسمبر 2015 بالقول انه يتوجب على الحكومة أن تعيد اصدار القانون على أن يكون ذلك بأثر رجعي، وهو ما تملكه الحكومة بأغلبية الثلثين، وهو ما استجابت له الحكومة حرفياً واصدرت القانون وفقاً له، وقد أكدت المحكمة الدستورية بأن رفضها الطعن بعدم دستورية القانون كان بناءً على هذه النقطة المهمة والدقيقة؛ اذ قالت: «انه قد صدر القانون رقم 1 لسنة 2016 باصدار قانون الشركات ونص في المادة 4 منه على الغاء المرسوم بقانون الشركات المشار اليه وتعديلاته (25 لسنة 2012)، كما نص في المادة 5 منه على ان يعمل به اعتباراً من 2012/11/26 تطبيقاً للمادة 179 من الدستور، بينما عدا أحكام الفصل الثاني من الباب الثالث عشر ــــ المتعلقة بالعقوبات ــــ فتسري من تاريخ صدوره في 2016/1/24، وهو بما مؤداه زوال مصلحة الطاعنين في الطعن الماثل، ويكون حرياً التقرير بعدم قبوله».

وفي تعليق على حكم المحكمة الدستورية أكد د.حسين بوعركي ان اهم ما اشتمله الحكم انه لم يرفض الطعن لتوافر حالة الضرورة، كما قرر ذلك بالنسبة الى حكم دستورية قانون الوحدة الوطنية، انما كان بناء على اعادة اصداره وبأثر رجعي، وهو ما يعني صحة ما أشرنا اليه عندما سألتنا القبس عن مدى توقعنا لابطال قانون الشركات فأجبنا بأن ذات المعطيات قائمة وذات الأسباب متوافرة، ما يرجح إلغاءه وبشكل كبير، وعن أثر هذا الأمر من الناحيتين القضائية والقانونية أكد د.بوعركي ان آثاره أكبر من أن تعد أو تحصر، خصوصا في ما صدر من أحكام قضائية استناداً لقانون الشركات الجديد وتعديلاته، كما ان لهذا القانون ارتباطا كبيرا بقانون هيئة أسواق المال، فالعديد من الصلاحيات والاجراءات تم تنسيقها ما بين القانونين وما بين هيئة اسواق المال ووزارة التجارة، ووجه بوعركي شكره للحكومة الكويتية ووزير التجارة على حرصه على معالجة هذا الامر الذي كان سيترتب عليه ما لا تُحمد عقباه. وألمح بوعركي الى مشكلة ما زالت قائمة، ويجب علاجها وهي ما صرح لـــ القبس في عدد 12 مارس 2016، إذ أشار الى ان المادة الخامسة استثنت الفصل الثاني من الباب الثالث عشر من الرجعية، على اعتبار ان هذا الفصل خاص بجرائم قانون الشركات، وهي ما لا يمكن إصداره بأثر رجعي، لكونه نصا جزائيا، الا انه قد فات المشرع ان الفصل الثاني من الباب الثالث عشر يحتوي على نص اجرائي مهم وجوهري الى جانب نصوص الجرائم، حيث تم نقل الاختصاص بالتحقيق والتصرف والادعاء بهذه الجرائم من الادارة العامة للتحقيقات الى النيابة العامة، وهو ما نصت عليه المادة 306 من قانون الشركات على اختصاص النيابة العامة بالتحقيق والتصرف والادعاء بجميع جرائم قانون الشركات، الا ان اصدار المادة 306 من دون أثر رجعي يعني ان اختصاص النيابة العامة بهذه الجرائم سيكون من تاريخ نفاذ القانون الجديد الصادر في يناير 2016 وليس من تاريخ 26 نوفمبر 2012 وهو تاريخ صدور قانون الشركات، وما سبق يعني عدم اختصاص النيابة العامة بالتحقيق والتصرف والادعاء بجرائم الشركات، الا من تاريخ صدور القانون الجديد رقم 1 لسنة 2016، وهو ما يعني أن أي قضية كانت النيابة العامة كانت قد حققتها وتصرفت فيها قبل صدور هذا القانون ستكون محلا للطعن والحكم ببطلان التحقيق والادعاء فيها. كما أضاف ان هذا يعني في ذات الوقت عدم اختصاص النيابة العامة بالجرائم الواقعة بين 26 نوفمبر 2012 تاريخ صدور قانون الشركات الجديد و26 يناير 2016 تاريخ اعادة اصداره بسبب حكم عدم دستورية قانون هيئة مكافحة الفساد. وأكد أنه يجب على المشرع اعادة اصدار المادة 306 من قانون الشركات الجديد والنص على رجعيتها، تفادياً للآثار المترتبة على عدم إصدارها بالقانون 1 لسنة 2016، وأنه لا حل آخر لهذا الموضوع، واكد ان المعضلة والمشكلة الكبرى التي لا يمكن اغفالها هي مدى سريان جرائم قانون الشركات خلال تلك الفترة الماضية.

 

 

 

https://twitter.com/dr_husainbuarki/status/785337381599768578

 

 

 

 

 


طباعة   البريد الإلكتروني