اقتصاديون وقانونيون: استفادة من اندماج «بيتك» و«الأهلي المتحد»

قال رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون: إن الاقتصاد الكلي سيحقِّق استفادة كبيرة

من عملية اندماج بنك بيت التمويل الكويتي مع البنك الأهلي المتحد، في إطار الرغبة في تحوّل الكويت إلى مركز مالي اقليمي، وذلك عبر انشاء كيان مالي مصرفي إسلامي كبير، مشيراً إلى ضرورة إيجاد مصارف ضخمة في الكويت، تتوافق مع الخطة الاستثمارية للدولة في قطاع النفط، وكذلك رؤية كويت جديدة 2035 التي تستهدف استثمار 900 مليار دولار خلال تلك الفترة، لافتاً إلى «أننا لن ننجح إلا في إنشاء بنوك ضخمة».

 

قال جاسم السعدون خلال الحلقة النقاشية، التي نظمها قسم التمويل في كلية الحقوق بجامعة الكويت أمس، تحت عنوان «الطبيعة القانونية والأبعاد الاقتصادية لصفقة بيتك والأهلي المتحد» ان إنشاء كيان مصرفي إسلامي موحّد يعمل في 9 أسواق، سيكون قادراً على تصدير العمالة الكويتية، موضحاً ان اكبر المستفيدين من عملية الدمج هم أكبر المساهمين في البنك الأهلي المتحد: مؤسسة التأمينات الاجتماعية الكويتية التي تمتلك حصة تفوق %18 ومؤسسة التأمينات الاجتماعية البحرينية. ولفت إلى ان هذه الاستفادة ستكون من السوق وليست من «بيت التمويل الكويتي»، قائلاً إن «بيتك» تعهّد بأنه لم ولن يتخلّى عن أي موظف كويتي أبدا بعد عملية الاندماج.

وتطرّق السعدون إلى علاقة عملية الاستحواذ بأهداف الاقتصاد الكلي، معتبرا أن تحوّل الكويت إلى مركز مالي منافس يعتبر هدفاً رئيساً للمشروع التنموي الرسمي للدولة، والمراكز المالية تحتاج إلى مؤسسات مالية ضخمة، مؤكداً أن تحوّل الكيان الموحد بعد إتمام صفقة اندماج «بيتك» و«الأهلي المتحد» إلى أكبر المصارف الكويتية في حجم أصوله، وسادس مصرف في منطقة الخليج، يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، ويخدم أهداف الاقتصاد الكلي. وذكر أن مشروعات التنمية المعلنة حتى 2035 ضمن رؤية كويت جديدة، تحتاج إلى مؤسسات مالية ضخمة قادرة على المساهمة في تمويل مشاريع بقيمة 900 مليار دولار. ولفت إلى أن اتساع سوق الكيان الموحّد بعد اندماجه في 9 أسواق سيعزّز من قدراته في اكتساب خبرات جديدة وخفض مخاطر أعماله، وخلق فرص عمل نوعية محلية قابلة للتصدير إلى الأسواق. وأشار إلى ان الاستحواذ يعني انتقال المقر الرئيس للكيان الموحّد إلى الكويت، وتحت رقابة بنك الكويت المركزي، مبينا أن الكويت تفرض على القطاع المالي نسبا مرتفعة للعمالة الكويتية، والتي تبلغ 70 في المئة خلال 2019 وهو ما يعني توطيناً أكبر لفرص العمل.

توظيف أكبر للتقنية

وأضاف: إن هناك علاقة طردية بين حجم المصرف وقدرته على توظيف أكثر للتقنيات وأساليب الادارة المتطورة، يسعفه على ذلك قاعدته الرأسمالية العميقة، وموقفه التفاوضي وهو أمر يحتاجه الاقتصاد الكلي، في ظل المنافسة الشرسة من اقتصادات الجوار. واستشهد السعدون في ذلك بتجربة سابقة لاستحواذ بنك الكويت الوطني على حصة أغلبية في بنك بوبيان، ما عزّز ربحية «الوطني»، وساهم في التطوير الإداري لـ«بوبيان». وأشار إلى أن مشروع الاندماج سيساهم في ردم فجوة خلل الانتاج في هيكل الاقتصاد، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في تكوينه، بالاضافة إلى أنه سيساهم في المستقبل أيضاً بردم فجوة الخلل المالي عند الرغبة في فرض ضرائب أرباح أو دخل. وذكر أنه سيسد خللاً في ميزان العمالة، وهو ما سيدعم موقع الكويت كمركز مالي وتجاري، كما سيعزّز من فرص تطوير المصرفية الاسلامية في الكويت ويخفض تكاليف الخدمة ويطورها.

ارتفاع الأرباح 

وألمح إلى أن عملية الاندماج ستحقق دعم عنصر القوة لدى «بيتك»، بما يعني تحقيق الارتفاع الآني في أرباحه من اليوم الأول وبنسبة 25 في المئة، واستمرار تحقيق مكونات «الأهلي المتحد» بعد الاستحواذ للمستوى المرتفع لربحيتها، ما يدعم استدامة نمو أرباح «بيتك»، وهو ما سينعكس على قيمة السهم بما يزيد من احتمالات ارتفاع قيمة الاستثمار لمساهميه في البورصة. وأضاف: إن الكيان الجديد بعد الاندماج سيكون مملوكا بنسبة 37.7 في المئة لمؤسسات حكومية وشبه حكومية، ولا يتبقى من كبار المساهمين سوى 3 منهم فقط. وأضاف: إن المصارف الكويتية تحل في المرتبة الرابعة بين المصارف الخليجية لجهة حجم أصولها، حيث تستحوذ على %12.2، في حين تستحوذ الإمارات على 31.1 في المئة، والسعودية 26.4 في المئة وقطر 20.4 في المئة. وأكد أنه على الرغم من الريادة المصرفية للكويت، فإنها تأخّرت في الاندماجات، وإذا لم يتم تنفيذ هذا الاندماج، فإن هناك عمليات أخرى ستتم في الخليج بحجم اكبر ستسبقنا بصورة تقلل من قدرتنا التنافسية. وأشار إلى أن وجود كيان مصرفي ضخم موحد وكبير يزيد من قدرته على امتصاص الصدمات ومواجهة المخاطر، مبيناً أن المصارف الاسلامية عمرها 6 عقود فقط، في حين المصارف التقليدية يبلغ عمرها 6 قرون، إلا أن البنوك الاسلامية قادرة على تحقيق نمو كبير في المستقبل. وعند تحليل بيانات «بيتك» فإن سهم البنك حقّق أعلى سيولة في بورصة الكويت خلال 2018، وارتفع سعره بنسبة 6.3 في المئة، وبلغ معدل دوران السهم 16.6 في المئة، في وقت كانت سيولة «الأهلي المتحد» جيدة، لكنها أقل من سيولة «بيتك.

تعارض المصالح وتوافقها

من جهته، قال أستاذ القانون الجنائي لأسواق المال في كلية الحقوق بجامعة الكويت الدكتور حسين بوعركي: إن مسألة تعارض المصالح أمر بالغ الدقة وليس هامشياً، وإن هناك قوانين عدة تحكم الأمر، ومؤسسات رقابية مناط بها مراقبة عملية الاندماج. ولفت إلى أن تنظيم العلنية يتم عبر الفحص النافي للجهالة، والذي يتضمن الموقف القضائي لكلا البنكين، والتدفّقات المالية، والأصول والخصوم. وألمح إلى ضرورة دراسة الموقف القضائي للبنكين، لمعرفة القضايا المرفوعة عليهما، لا سيما أن هناك بنوكاً عالمية قد سددت للحكومة الأميركية نحو 76 مليار دولار خلال السنوات الـ25 المنصرمة، كجزاءات جنائية، رغم أنها ليست أميركية، ولا تعمل داخل الولايات المتحدة، لكن لديها تسويات دولارية تتم داخل «الفدرالي الأميركي». وقال: «ليس هناك حديث عن تعارض المصالح، ما لم يكن هناك إضرار بمصلحة الشركة». وحول إذا ما كانت الصفقة تحقّق مصلحة الشركة، وهناك كبار من المساهمين قد يستفيدون، فإن المعيار الحاكم هو عدم الإضرار بمصلحة الشركة، ما يعني أن توافق المصالح لا يعني وجود حالة تعارض مصالح.

لا دمج بلا مخاطر

من جهته، قال رئيس مجلس الإدارة السابق في البنك التجاري، علي الموسى: إن المصارف تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة وحجم عمالة ضخم، وهو ما قد يتحقق مع عملية الاندماج، مضيفاً: أنا شخصيا مؤيد لعملية الدمج بين «بيتك» و«الأهلي المتحد»، لا سيما أننا متأخّرون في العمل المصرفي الاسلامي. وزاد الموسى «نحن في الكويت، بحاجة إلى «ميغا بنك»؛ إذ بات أمرا أكثر من ضروري، خصوصا أن العمليات المصرفية عالميا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة جدّاً». وأشار الموسى إلى أنه لا عملية اندماج بمثل هذا الحجم من دون وجود مخاطر، ولكن في الوقت ذاته لا يمكن البناء واتخاذ القرار وفقا لشكوك أيضا، مؤكداً ان بنك الكويت المركزي لن يسمح بمرور الصفقة من دون تدقيق، كما أن البنك المركزي البحريني أيضاً يتمتع بمهنية عالية، ولن يغامر في عملية بهذا الحجم، ومن الممكن ان تكون هناك مصالح لأطراف عدة، بشرط ألا تكون على حساب الآخرين.

«المركزي» يوافق على إجراء الفحص النافي للجهالة

قال بيت التمويل الكويتي (بيتك): استكمالا للإفصاحات السابقة، والخاصة بدراسة «بيتك» الاستحواذ على «الأهلي المتحد»، فلقد تلقينا موافقة بنك الكويت المركزي المبدئية على اجراء الفحص النافي للجهالة.

النفيسي: هناك ملاحظات على تعارض المصالح

سجل رئيس مجلس إدارة مركز الجُمان للاستشارات ناصر النفيسي، ملاحظات على صفقة الاندماج، بيد أنه قال: «نحن نؤيد عمليات الدمج ونتفق مع ما قاله «الشال» حول رؤيته لعمليات الدمج. ولقد كررتها بكل لقاءاتي أن الدمج إيجابي». وبالنسبة للملاحظات قال النفيسي: إن مربط الفرس هو تعارض المصالح، وأن أصحاب الفكرة حاولوا بيع «الأهلي المتحد» أكثر من مرة آخرها مع قطريين في عام 2010، ولديهم اندفاع للبيع، وتم السماح للقطريين بفتح دفاتر «الأهلي المتحد» آنذاك. فيما رد عليه أحد الحاضرين أنه لم يتم فتح الدفاتر على الإطلاق، وفق ما تم الإفصاح عنه من البنك آنذاك وحسب ما أكده محللون ومصادر مقربة، وأن سبب فشل الصفقة هو عدم قدرة القطريين على تمويل الصفقة. ورد عليه السعدون قائلاً: إنه لا يوجد أي معلومات غير معلنة أو تعارض في المصالح أو ملكيات مستترة، مبيناً أن حصيلة الاندماج تعتبر إيجابية ولها العديد من الفوائد والمصالح. وتابع: رغم احتمالية وجود بعض المخاطر، فإن بنك الكويت المركزي سيعمل على دراستها، لا سيما أن الصفقة مرت بـ 12 مرحلة تم التدقيق خلالها، وسيتم التدقيق على بقية المراحل.

البغلي: من المبكر الحديث عن مكاسب الصفقة

قال رئيس قسم الاقتصاد في جريدة الجريدة محمد البغلي: إنه من المبكر الحديث عن التوقعات المستقبلية لمكاسب الصفقة، وطرح البغلي تساؤلاً عن كيفية اندماج بنك اسلامي مع آخر تقليدي، وهل سيكون الكيان الجديد اسلامياً بالكامل ام سيكون مختلطاً، وهل ستختلط الأرباح، وما مدى الرؤية الشرعية للأمر؟ مطالبا الجهات الحكومية المرتبطة بعملية الاندماج مثل هيئة الاستثمار والتأمينات الاجتماعية وشؤون القصر والأمانة العامة للأوقاف بإبداء رأيها بشكل واضح حول الاندماج.


طباعة   البريد الإلكتروني