حكم «الضيافة» كشف عوار «التحريات المالية»

وصف رئيس قسم القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د.حسين بوعركي حكم محكمة الجنايات

في قضية ضيافة الداخلية بأنه تاريخي، وجاء في مرحلة مفصلية، ووضع يده على الكثير من الحقائق المتعلقة بالمؤسسات الرقابية، واتفق مع رأي فقهي يتعلق بتعدد الجرائم والعقوبات.

وقال بوعركي في تقرير خص به القبس: «إن الحكم سطَّر مبادئ قضائية مهمة، وكشف ضعف الأجهزة الرقابية في البلاد، ما يشجع على المزيد من التجاوزات وكسر القانون والاعتداء على المال العام». وأضاف: «رأت المحكمة أن وحدة التحريات المالية كانت غائبة فعلياً عن الدور المنوط بها في تتبع الأموال المشتبه بها، ما يؤكد خللاً عظيماً في عملها وحاجتها إلى غربلة فنية وقانونية».

وتابع بوعركي، قائلاً: «ثبت للمحكمة بموجب الكشف عن الحسابات البنكية انتفاع أصحاب الفنادق المدانين من خلال تزويرهم فواتير وهمية وتقاضيهم نسبة 30 ــــ 40 في المئة من الأموال المختلسة». وفي ما يتعلق بالمتهم الأول عادل الحشاش، ذكر بوعركي أنه ارتكب جريمتين: الأولى هي الاستيلاء على المال العام من بند الضيافة؛ وعوقب بالحبس 15 سنة، والأخرى هي تسهيل الاستيلاء من بند المصروفات؛ وعوقب بالحبس 15 سنة. وأوضح أن المدة الحقيقية التي سيقضيها الحشاش في السجن ستكون 20 سنة؛ لأنه في حالة صدور حكم أو أحكام عن عقوبات عدة يكون الحد الأقصى للعقوبة 20 سنة، وفقاً لنص المادة 221 من قانون الإجراءات.

وأشار إلى أن تقارير ديوان المحاسبة كان لها دور جوهري في ثبوت الجريمة، وعلى النقيض من ذلك كشفت المحكمة صراحة عن المثالب الإدارية والمالية بوزارتي الداخلية والمالية.وفيما يلي التفاصيل: بعد أن أُسدل الستار مؤخراً على قضية ضيافة الداخلية بصدور حكم تاريخي وضع يده على العديد من الحقائق العامة المتعلقة بالمؤسسات الرقابية، واتفق مع رأي فقهي في ما يتعلق بتعدد الجرائم والعقوبات، ونظراً لأهمية ما سطره الحكم من مبادئ قضائية وكثرة التساؤلات، فقد خصَّ رئيس قسم القانون الجزائي وأستاذ القانون الجنائي للأعمال التجارية وأسواق المال في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. حسين بوعركي القبس بهذا التقرير الذي يحلل الحكم ويسلط الضوء على بعض النقاط المهمة، وفي ما يلي أبرزها:

1- إن سبب براءة المتهم الثالث الشيخ أحمد الخليفة من تهمة تسهيل الاستيلاء خلو الأوراق وخلو حساباته البنكية من الحصول على أي منافع مالية أو عينية وعدم توافر تحويلات مالية تمت لمصلحته بعكس بقية المتهمين الذين ثبت انتفاعهم.
2- إن أوامر الصرف التي وقعها الشيخ أحمد الخليفة قد مرت بدورة مستندية كاملة بداخل وخارج وزارة الداخلية وجهاز المراقبين الماليين مما يضيق من نطاق مسؤوليته الجزائية.
3- تشددت المحكمة لإدانة الشيخ أحمد الخليفة بتهمة الخطأ غير العمدي كونه تسبب بإهماله وخطئه بإلحاق ضرر جسيم بأموال الدولة، وعاقبته بالحبس سنتين مع وقف التنفيذ مع أن الحد الأقصى هو ثلاث سنوات، وجرت الأحكام القضائية على مثل هذه العقوبة.
4- ثبت للمحكمة بموجب الكشف عن الحسابات البنكية انتفاع أصحاب الفنادق المدانين من خلال تزويرهم فواتير وهمية وتقاضيهم نسبة %30 - %40 من الأموال المختلسة.
5- المتهم الأول عادل الحشاش ارتكب جريمتين، الأولى هي الاستيلاء على المال العام من بند الضيافة وعوقب بالحبس 15 سنة، والأخرى تسهيل الاستيلاء من بند المصروفات وعوقب بالحبس 15 سنة.
6- إن المدة الحقيقية التي سيقضيها المتهم الأول عادل الحشاش في السجن ستكون 20 سنة لأنه في حال صدور حكم أو أحكام عن عقوبات عدة يكون الحد الأقصى للعقوبة 20 سنة وفقاً لنص مادة 221 من قانون الإجراءات.
7- الحكم أرسى مبدأً قانونياً مهماً، بأنه قد فصل بين جريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء للعديد من المتهمين، ولم يعتبر ذلك من أحوال التعدد التي تستلزم الحكم بعقوبة واحدة عن الجريمة الأشد، وذلك خلافاً للأغلب من أحكام القضاء الجنائي الكويتي، وهذا أمر نتفق معه تماماً، إذ إن الجرائم المرتكبة منفصلة بركنها المادي وبمحل الجريمة ووقتها وإن اتفقت بالفاعل، فلو سرق شخص من سوبر ماركت ثم سرق من مصبغة نكون أمام جريمتين منفصلتين وإن اتحد الزمان والفاعل.
8- كان لتقارير ديوان المحاسبة دور جوهري في ثبوت الجريمة.
9- أدانت المحكمة صراحةً وحددت المثالب الإدارية والمالية بوزارتي الداخلية والمالية.
10- رأت المحكمة أن وحدة التحريات المالية كانت غائبة فعلياً عن الدور المنوط بها في تتبع الأموال المشتبه بها، وأكدت مسؤولية البنوك عن عدم الإبلاغ عن تضخم الأموال، الأمر الذي يؤكد ما طرحته مؤخراً في قناة العربية من خلل عظيم في عمل وحدة التحريات المالية وحاجتها إلى غربلة فنية وقانونية.
11- برأيي واعتقادي الشخصيين أن شبهة المسؤولية الجزائية للبنوك التي تسترت على تضخم حسابات المتهمين قائمة ولها وجه.
12- لو قامت البنوك بالإبلاغ عن التضخم ابتداء من دخول بعض الملايين لحسابات المتهم الأول وشركات الزهور التي يملكها لما تمكن من الاستيلاء على كل تلك الملايين ولتوقف عند حد معين.

 

 


طباعة   البريد الإلكتروني