بوعركي: خطأ إجرائي يعيد محاكمة الرجعان إلى نقطة الصفر

 قال أستاذ القانون الجنائي للأعمال التجارية وأسواق المال بكلية الحقوق في جامعة الكويت، د. حسين بوعركي، ان المدير العام السابق لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، فهد الرجعان،

سيستفيد من خطأ إجرائي لإدارة التنفيذ، يتعلق بعدم قيامها بإعلان حكم أول درجة في محل إقامته، لمن يوجد من أقاربه أو أصهاره الساكنين معه، أو لمن يوجد من أتباعه، أو بنشر الإعلان في الجريدة الرسمية، وفي جريدتين يوميتين، الأمر الذي ترتب عليه صدور حكم محكمة الاستئناف بتاريخ 2016/11/24، بوقف نظر الاستئناف وانفتاح مواعيد الطعن بالمعارضة بالنسبة له، الأمر الذي يعني أنه مازال بإمكان الرجعان المحاكمة أمام المحكمة بجميع درجاتها، بدءاً من محكمة أول درجة مروراً بالاستئناف والتمييز. وأضاف بوعركي، في تصريح خاص لــ القبس، إن الرجعان لو كان متهماً في جناية عادية لما كان بالإمكان إعلانه بحكم أول درجة، وبالتالي سيتحتم على محكمة الاستئناف وقف نظر الدعوى، لأن اعلان الحكم لا يكون الا بشخصه أو بالقبض عليه، وهو أمر غير وارد بسبب تواجده خارج البلاد، لكنه متهم بتهمة أموال عامة وإعلان الاحكام الصادرة في جرائم الأموال العامة مستثناة من القواعد العامة في المعارضة، حيث أورد قانون حماية الأموال العامة رقم 1 لسنة 1993 تنظيماً خاصاً للمعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة تطبيقاً لجرائم القانون رقم 1 لسنة 1993، فنصت الفقرة الثانية من المادة 22 منه على: «استثناء من حكم المادة 188 من القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، يكون ميعاد المعارضة في الأحكام الغيابية في أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أسبوعاً واحداً يبدأ من تاريخ إعلان المحكوم عليه، فإذا انقضى هذا الميعاد من دون أن يعارض المحكوم عليه لم يجز الطعن في الحكم إلا بالاستئناف إذا كان قابلاً له، ويعلن الحكم الغيابي لشخص المحكوم عليه، فإن لم يتيسر ذلك سلم الإعلان في محل إقامته لمن يوجد من أقاربه أو أصهاره الساكنين معه، أو لمن يوجد من أتباعه، فإن لم يوجد منهم أحد أو امتنع من وجد منهم عن تسلم الإعلان نُشر الإعلان في الجريدة الرسمية، وفي جريدتين يوميتين، ويبدأ الميعاد في هذه الحالة من تاريخ النشر المشار إليه». وأضاف: على ذلك لا تسري قواعد المعارضة بالأحكام الصادرة في الجنايات بالنسبة للجنايات المنصوص عليها في قانون الأموال العامة، مما يعني أن قواعد المعارضة واحدة بالنسبة للجنح والجنايات المنصوص عليها في قانون الأموال العامة، فإعلان الحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 2016/04/28 كان من الممكن أن يتم بالإعلان بالجريدة الرسمية وجريدتين يوميتين. وأكد أن عدم إعلان النيابة العامة للحكم يترتب عليه أن الحكم سيظل غير نهائي، وسيكون بإمكان الرجعان الطعن على الحكم وإعادة محاكمته أمام جميع درجات المحاكم حال عودته إلى دولة الكويت، وهو الأمر الذي يتفق تمام الاتفاق مع اتفاقية تسليم المجرمين المبرمة بين حكومة دولة الكويت وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية، والتي تمنع تسليم المجرمين إن كانت احكامهم نهائية وغير قابلة للطعن فيها، إذ تنص المادة 3 من الاتفاقية والصادرة بموجب القانون رقم 16 لسنة2017 على: «أسباب الرفض: 1 - يرفض التسليم بموجب هذه الاتفاقية في أي من الحالات التالية: و – إذا أدين الشخص المطلوب غيابياً، ما لم يتم تقديم تعهد بأنه يحق لذلك الشخص إعادة محاكمته أو الاستئناف بما يؤدي إلى إعادة المحاكمة بموجب القانون الوطني للطرف الذي يطلب التسليم». وقال د.بوعركي: انه وبناء على ذلك لن تملك بريطانيا أن تعترض على تسليمه لأن حكمه غير نهائي ويتوافق مع نصوص الاتفاقية. وبين أن حكم الرجعان صدر قبل نحو ثمانية أشهر من توقيع الاتفاقية إلا أن ثمة تزامنا ما بين الأمرين يبدو أنه مكّن النيابة العامة من التوفيق بين الالتزامات الدولية والإجراءات القضائية المحلية، مؤكداً أهمية إطلاع السلطة القضائية على التشريعات، وبشكل خاص الاتفاقيات ذات الصلة بالعمل القضائي. وقال بوعركي ان المادة ١٦ من قانون حماية الاموال العامة ١-١٩٩٣ قررت عقوبة الرد (التي تعني رد المبلغ المختلس) والغرامة تعادل ضعف المبلغ المختلس او الذي سهل لغيره الحصول عليه لمن يرتكب احدى اربع جرائم مقررة في المواد 9، 10، 11، 12 من القانون ذاته. واما جريمة الاضرار الجسيم بأموال الدولة، التي حوكم بموجبها الرجعان، فليست من بين تلك الجرائم، مما حدا بالمحكمة إلى أن تلزم الرجعان بالحد الاقصى للغرامة 100 الف دينار، وهو مبلغ زهيد لا يتناسب مع حجم الضرر الذي نتج عن صفقات الاوبشن والذي تجاوز 300 مليون دينار بحسب الثابت في الحكم الابتدائي. ودعا بوعركي الى اضافة عقوبة الرد الى جميع جرائم الاموال العامة واعطاء القاضي سلطة اثبات تحقيق المنفعة أو فتح الحد الاقصى للغرامة وجعلها خاضعة لسلطة القاضي التقديرية، وذلك على غرار ما فعله المشرع الكويتي حين قرر عقوبة الرد لجميع جرائم ومخالفات اسواق المال المادة 128 من قانون هيئة اسواق المال 2010/7 والتي تنص على: «في جميع الأحوال يحكم على الجاني فضلاً عن العقوبة الأصلية برد قيمة المنفعة المالية التي حققها أو قيمة الخسائر التي تم تجنبها نتيجة ارتكابه فعلاً مخالفاً لأحكام هذا القانون». واختتم بالقول إنه تجب مراعاة فتح باب الطعن بالنسبة إلى جميع القضايا الصادرة من القضاء الكويتي حتى لا يستفيد الهاربون من نهائية الأحكام من هذا النص، وبالتالي يتمسكون بعدم إمكانية تسليمهم للكويت، مشيداً بما قامت به النيابة العامة من إجراء كان موفقًا وأثمر نتيجة طيبة.


طباعة   البريد الإلكتروني