القضاء الكويتي يفتح باباً واسعاً لحماية أموال الشركات والمساهمين

القضاء الكويتي يفتح باباً واسعاً لحماية أموال الشركات والمساهمين من تجاوزات التنفيذيين

صرح أستاذ القانون الجنائي للأعمال التجارية وأسواق المال د.حسين بوعركي لـ «الأنباء» بان آثار الحكم التاريخي الذي صدر الأسبوع الماضي من محكمة التمييز برفض الطعن المرفوع من سيدة أعمال رئيسة مجلس إدارة شركة ونائبها على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف، بحبسهم سنة و8 أشهر، بتهم التدليس والخداع والتزوير والاستيلاء على مبالغ مالية، وإيهام الجمهور (أفرادا وشركات استثمارية مساهمة عامة)، لحمله على الاكتتاب بأسهم شركة.

  ويعتبر هذا الحكم الاول من نوعه في الكويت لان القضاء أسس مبدأ انطباق التجريم سواء كان اكتتابا عاما أو خاصا، مدرجة او غير مدرجة، ستخضع جميع اختلاسات وتجاوزات الادارات التنفيذية في الشركات المساهمة لهذا النص، مما سيفتح بابا لمحاسبة جميع الادارات التنفيذية بالشركات المساهمة، وهي كثيرة في الكويت وملفاتها عالقة.

وتتلخص القضية في وجود تجاوزات واختلاسات وتلاعبات في إحدى الشركات المساهمة، ولكن الفرق هذه المرة هو صدور حكم نهائي بالحبس على جميع المتهمين، وهذا الحكم حجة على القضاء المدني الذي سيحكم مباشرة بتعويض المتضررين وفق الحكم الجنائي.

 وقال د.بوعركي ان بلاغات بمئات الملايين ستقدم للنيابة العامة في الفترة المقبلة بناء على حكم التمييز.

وقال ان عهدا جديدا انطلق لوقف التجاوزات في قطاع المال والاعمال بدأ بصدور جرائم أسواق المال ثم جرائم قانون الشركات الجديد..وأخيرا بصدور حكم محكمة التمييز. وفيما يلي نقاط رئيسية نتجت عن هذا الحكم حسب د.بوعركي:

 

 1- المادة 236..فتح باب البلاغات

 القاعدة في القانون الجنائي هي ليس كل اختلاس يعتبر جريمة، بل يجب ان يكون هذا الاختلاس بطريقة وشروط محددة وهو ما يسمى بالنشاط الاجرامي، واختلال أي شرط سيفضي بالحكم للبراءة ولا يكون أمام المتضرر سوى الطريق المدني الشاق والطويل وغير الرادع.

 وهذا الحكم من الأحكام النادرة التي يتصدى فيها القضاء الكويتي لنص المادة 236 والذي ينظم جريمة تسمى «جريمة احتيال القائمين على إدارة المشاريع»، أي الادارات التنفيذية، والنيابة العامة بالكويت لا تستخدم هذه الجريمة الا نادرا، وهذا الحكم سيفتح الباب لتقديم بلاغات تجاوزات الادارات التنفيذية حول هذه المادة.

 

 2- اختصاص النيابة 

ان هذه المادة جناية فتختص بها النيابة العامة، وليس الادارة العامة للتحقيقات والتي تختص بالجنح، ولاشك أن اعطاء النيابة العامة الاختصاص بهذه النوعية من الجرائم يعطي ثقة أكبر لضمان تحقيق على أعلى المستويات القانونية والفنية، وكانت التحقيقات التي أجريت في القضية أكبر دليل على ذلك، حيث كانت على مستوى عال من الحرفية والمهنية والمعرفة في مجال الشركات وقطاع الأعمال، وهو أمر يبعث على الاطمئنان بمستقبل زاهر لحماية أموال الشركات والمساهمين.

 

 3- حماية قانونية «جنائية» للأعمال

 من أهم آثار الحكم اكتمال الحماية القانونية «الجنائية» في قطاع الاعمال التجارية والمالية واسواق المال وهو الضمانة الاولى لتحقيق الاهداف التشريعية حيث يمتاز الطريق الجنائي بـ:

أ- الردع.

ب-قصر المدة مقارنة بالطريق المدني.

وهذا الأمر سيزيد من كفالة حماية اموال المدخرين والمستثمرين ويعطي ثقة اكبر بالقطاع الخاص وبالاقتصاد الوطني بشكل عام وهو محل ترحيب من الجميع، ويؤكد على ان تخصصا نوعيا بات حاضرا بقوة اليوم وهو القانون الجنائي للاعمال التجارية بعد تأخر لعقود طويلة.

 

4- حل أزمة تاريخية بتجاوزات التنفيذيين

 المشكلة الرئيسية في الكويت أن تجاوزات الادارات التنفيذية غالبا ما تواجه بالطريق القضائي المدني وهو غير رادع، وإذا اختير الطريق الجنائي فتتم على أساس جريمتي خيانة الأمانة أو النصب اللتين بهما العديد من المشاكل التي تتسبب بضياع حقوق المجني عليهم، وتلك المشاكل:

أ- ان مدة التقادم خمس سنوات من وقت ارتكاب الواقعة، وهي مدة قصيرة، تسببت في أن صدور الكثير من الأحكام بسقوط الدعوى، بسبب عدم اكتشاف الواقعة إلا متأخرا، أما المادة 236 فهي جناية يكون التقادم فيها لمدة 10 سنوات، ما يعني والحال كذلك امتداد إمكانية تقديم البلاغ إلى عشر سنوات.

ب- تختص بالتحقيق بها الادارة العامة للتحقيقات وليس النيابة العامة، وفي قضايا الشركات وقطاع الأعمال يندر وجود المحقق المتخصص المطلع على هذا الجانب، كما يتم التعامل مع قضايا بالملايين

بالنمط العادي كما يتم التعامل مع حوادث المرور.

ج-ان شروط خيانة الأمانة والنصب قد لا تتوافر جميعها في تجاوزات واختلاسات الشركات، ما يتسبب في ضياع الحقوق، فجريمتا خيانة الأمانة والنصب تتطلبان العديد من الشروط لانطباقهما وهو الأمر الذي يتسبب بصدور أحكام براءة لاختلال بعض الشروط.

ح- ان نصوص جريمتي خيانة الأمانة والنصب تحاكي بصورة رئيسية جرائم النمط العادي، أو الجرائم المعتادة، وهي نصوص قديمة، لم تراجع منذ أكثر من 50 سنة، وهو الأمر الذي يعارض تطور الحياة العصرية وضرورة المواكبة التشريعية لها

على غرار التشريعات المقارنة.

د- وهو أمر مهم: عدم وجود أجهزة التحري المتخصصة القادرة على استيعاب ومواكبة قضايا الشركات المالية، فكثيرا ما يعهد لضباط المباحث بالتحري حول قضايا معقدة ومليونية رغم طبيعة عملهم النمطي وصعوبة تعاطيهم مع الواقع المالي والتجاري وذلك رغم وجود بعض الضباط الأكفاء ومنهم ضابط مباحث هذه القضية، وهو ما يوجب أن يكون المحامي متمكنا من جانب جرائم قطاع الأعمال والشركات حتى يمكنه أن يساهم في سد هذه الثغرة.

 


طباعة   البريد الإلكتروني